تأملات في قصة أدم عليه السلام

قال
تعالي ((وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا
لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن
مِّنَ السَّاجِدِينَ (11)

إخوتي في الله

يمتن الله علي البشر بأنه خلقهم وكذلك خلق أباهم أدم عليه السلام ومافيه من بيان شرف الجنس
الإنساني بشرف أدم عليه السلام الذي أمر الله ملائكته بالسجود له تكريما له
وامتثالا وعبودية لله سبحانه وتعظيما لأمره
ولقد نال هذا الشرف كل إنسان حافظ علي إنسانيته بالمحافظة علي الوظيفة التي خلق من أجلها الإنسان
وهي عبودية الله سبحانه .
وضيع هذا الشرف من ضيع هذه الوظيفة فعاش في الدنيا عيشة البهائم أعزكم الله

وفي هذا ومن خلال القصة من ترك ماأمر الله به سئل أولا ماالذي منعك من الطاعة؟
أو مااوقعك في المعصية؟
فالرب سبحانه مع علمه المحيط السابق لم يلعن إبليس ويهبطه إلا لما أظهر الكبر والإباء
فنحن أولي بذلك قطعا في أحكام الدنيا أن من ترك شيئا من الواجبات ولو كان السجود لله((الصلاة نعني))
فضلا عن غيرها أو وقع في المعصية أن نسأله ماالذي منعك من الطاعة؟
فإن ذكر اعترافا بالذنب كما فعل أدم عليه السلام كان ذلك معصية يعامل صاحبها بما شرع الله فيها
وإن ذكر إياه أو استكبارا أو جحودا وتكذيبا كان كافرا فيعامل بمقتضاه وهذه أقوال العلماء
والله اعلم

والغرض المقصود هنا
أن إبليس قد ضل وغوي حين ألغي مابينه له ربه من حكمة تفضيل ادم عليه السلام
واعتبر ماألغاه من عنصر الخلقة ومن هنا ننظر الي الاتي اخوتي في الله
ننظر إلي أصحاب التشريعات الوضعية
التي وضعها المجرمون بأرائهم دون مستند من شريعة الله معرضين عن حكمة الله فيما شرع
فملئوا الأرض فسادا بعد إصلاحها بشرع الله وشقي العباد بنظرياتهم الباطلة وعقولهم القاصرة
الجاهلة وأنظمتهم الظالمة أجيال بعد أجيال وقرون بعد قرون فما أشبههم بإبليس
وماأشد إستحقاقهم لنفس المصير

ومن هنا ومن هذه القصة نري مرض الإعجاب بالنفس ورؤية كمالات موهومة لها وخيرية علي غيرها
بلا
إستحقاق وهذا من أعظم الأمراض خطرا علي المخلوق وهو منبع مرض الكبر والعلو
الذي هو من أعظم أسباب الكفر فيعمي العبد عن نقصه وعجزه وضعفه وجهله
ويتوهم نفسه في أعلي درجات الكمال
فقد نسي إبليس فقره ونسي جهله ونسب لها مالاتستحق من التفضيل

ومن الامراض ايضا التي ظهرت من ابليس
مرض الحسد
وهو كراهية نعمة الله علي الغير وتمني زوالها وهو نابع من العجب والكبر وإرادة العلو فإن الحاسد
إذا كان معجب بنفسه يراها فوق الاخرين ويبتغي علوها فإذا رأي نعمة الله علي غيره ضاقت نفسه بذلك
لانها لاتستريح إلا بالشعور بالفوقية والخيرية والعلو فيكره ان تستمر هذه النعمة التي تقتضي
التفضيل عليه او علي الاقل المساواة فيتمني زوال هذه النعمة دينية كانت أو دنيوية
وهو راجع الي الاعتراض علي قسم الله وعطائه ولايزال الحاسد متالما في غم وضيق وكرب لان نعم الله علي
الخلق لاتنقطع

وهذه الامراض التي في قلبه هناك تلازم بين هذه الأمراض وأنه لايكاد يخلو المستكبر عن إباء ولايخلو الأبي
عن استكبار وكل منهما من أعظم مظاهر الكفر وأسبابه
وماأكثر إنتشارهما فيا لمعترضين علي شرع الله المنادين بالحرية المطلقه
بالحرية في رده والطعن فيه وما أولي العلمانيين أتباع إبليس بهذه الصفات لاعتقاد خيرية عقولهم
الفاسدة
علي ماجاءت به الرسل وعدم خضوعهم وانقيادهم لما جاءت به الشريعة وإعطائهم
انفسهم حق الاختيار بعد أمر الله وأمر رسوله صل الله عليه وسلم
وهذا ينافي الإيمان ((وهذه اقوال العلماء وليست أراء شخصية))

قال
تعالي((" وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا
قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ
الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ
ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا (36)" سورة الأحزاب

((الخلاصة))
علينا أن نقارن بين سؤ أدب إبليس مع ربه وسؤ ظنه به وإصراره علي الكفر والزيادة فيه
وبين أدب أدم عليه السلام وزوجه وحسن ظنهما بربهما وسؤ ظنهما بنفسيهما
حين قال((قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ))
فإن هذه مقارنة ترشدك إلي معرفة قبس من نور
قبس من نور الحكمة والعدل في المصير الذي صار إليه كل منهما
وأن الله أعطي كل واحد ماسأله فإبليس لم يسئل الله التوبة
فمن شابه أباه فما ظلم لأن التائب من الذنب كمن لاذنب له والندم توبة وطلب المغفرة والرحمة
مقارن للتوبة والأعتراف علي النفس بالخسران إن لم يغفر سبحانه ويرحم
ونحن
نقول كما قال الأبوان عليهما السلام((قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا
وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ. ))
جزاكم الله خيرا كثيرا
وأعتذر عن الإطالة

اسمح لي ابدي اعجابي بقلمك وتميزك واسلوبك الراقي وتالقك

» تاريخ النبوة والبشرية جمعاء منذ زمن آدم عليه السلام
» الإسم الكامل لخير الانام سيدنا محمد عليه السلام
» وجوب الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم:
» تأملات في قوله تعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ʈ
» افشوا السلام .