موضوع: المنهج في طلب الفقه - الشيخ د. عبد الله السكاكر الأربعاء 28 مارس 2012, 16:41
المنهج في طلب الفقه
ملخصٌ من درسٍ لفضيلة الشيخ د. عبد الله السكاكر ، عضو هيئة التدريس بقسم الفقه بجامعة القصيم ألقاه مغرب الاثنين 25/7/1424 بجامع الرواف ببريدة
1/ تعريف الفقه : لغةً : الفهم . اصطلاحاً : علم خاص ، له أصوله وقواعده ، عرفه أصحابه بأنه : معرفة الأحكام الشرعية العملية بأدلتها التفصيلية .
2/ أهمية طلب علم الفقه :
من الأدلة على ذلك : 1- حديث معاوية - رضي الله عنه - : ( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ) وهذا عام لكل علوم الشريعة . 2- قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها ) رواه البخاري ومسلم . والذي يقضى به بين الناس هو الفقه . - تقسَّم العلوم قسمين : 1- علوم تقصد لذاتها : مثل علم الفقه - وهذا دليل على أهميته . 2- علوم تقصد لغيرها : كالمصطلح ، وأصول الفقه .
3/ قواعد ونصائح مهمة لطالب علم الفقه :
القاعدة الأولى :
الفقه يقوم على أمرين ، باختلال أحدهما يختل المنهج والقدرة الفقهية : 1- الحفظ : فلا بد منه ، وسيأتي بيانه . 2- الفهم : وهو المشار إليه في تعريف الفقه لغةً ، وهو ثمرة الفقه ، وليس الفقيه حافظ المسائل ، بل فاهمها والذي يقيس عليها ويستنبط منها .
القاعدة الثانية :
الفقه من أطول علوم الشريعة ، ولا يحاط به كاملاً . - وليس المقصود بهذا الصرف عن طلب الفقه ، فالأمة اليوم أحوج إلى الفقهاء من أي زمن آخر ، فالمطلوب المصابرة والمثابرة والاستمرار ، مع صدق النية الذي يحصل به التوفيق .
القاعدة الثالثة :
الفقه ثمرة لمجموعة من العلوم ، فهو ثمرة لنصوص الكتاب والسنة ، ولأصول الفقه ، وللمصطلح ، وللقواعد الفقهية ، وللنحو . فلا بد من حفظ ومعرفة القرآن ، وأحاديث الأحكام ، وأصول الفقه ، والنحو ، ومصطلح الحديث ، والقواعد الفقهية . القاعدة الرابعة : التدرج مهم في طلب الفقه ، وبيان ذلك يأتي في الخطوات التي يحسن بطالب الفقه اتباعها - إن شاء الله - . القاعدة الخامسة : المشاورة مهمة ، وطلبها من طلبة العلم وأهل الشأن قبل الدخول في أي مشروع علمي ( درس ، حفظ كتاب ، قراءة كتاب ... ) . القاعدة السادسة : وجوب الاهتمام بالتعليم النظامي ( خاصة الجامعة لما فيها من العلم ) . القاعدة السابعة : في حالة وجود إشكالات ومسائل فقهية ، فإن من الواجب الاهتمام بها وعدم إهمالها ، فإهمالها يضيع فرصاً لتعلم الفقه ، وإن اهتم بها فإن ذلك سيكون من الممارسة على الفهم ، فيبحث عنها في الكتب ، ويسأل عنها أهل العلم سؤالاً مفصلاً ، ومناقشة أديبة . القاعدة الثامنة : الاهتمام بمذاكرة الفقه ، وبالمناقشات الفقهية مع المشايخ وطلبة العلم ، ومع الزملاء والنظراء ، ومما قيل : مذاكرة ساعة مع طالب علم حاذق أنفع من قراءة ساعات . القاعدة التاسعة : الاهتمام بالبحوث الفقهية المعاصرة ، والفائدة : تعلُّمُ كيفية تعامل الفقيه مع النوازل ، ومعرفة تلك المهارة . القاعدة العاشرة : من المهم لطالب الفقه : 1- الاهتمام بقراءة كتب الفقه القديمة والحديثة . 2- الاهتمام بالتدريس ( في مرحلة من مراحل طالب العلم ) ويأتي بيانها - إن شاء الله - ، ومن ميزات التدريس : أ- أنه أشبه شيء بالحفظ . ب- أنه سبب لفتوح يفتحها طلاب علم نابهون من الأسئلة والمناقشات .
4/ الخطوات التي يحسن بطالب الفقه اتباعها :
الخطوة الأولى : مرحلة الحفظ : والمحفوظات هي : 1- الأدلة التي هي أصل الفقه : القرآن ، والسنة ( أحاديث الأحكام ) ومن كتبها المختصرة : عمدة الأحكام ، ومن المتوسطة : بلوغ المرام ، ومن المطولة : المنتقى من أخبار المصطفى . 2- علوم الآلة : العلوم التي يستطيع بها طالب الفقه تحصيل الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية وهي : أ- أصول الفقه : بإتقانها تستنبط الأحكام من أدلتها ، ولا بد من حفظ أو إتقان مختصر فيه ، ومن أشهر المختصرات : الورقات . ب- مصطلح الحديث : بمعرفته تكتمل شخصية طالب الفقه ، ويميز الضعيف من الصحيح . ج- النحو : لا بد من تحصيل قدر يستطيع به طالب الفقه فهم الكتاب والسنة . ومن شروط المجتهد : إتقان النحو . 3- المتون والقواعد الفقهية : وهي أصل الفقه . * خلاصة : لا أقل من حفظ القرآن الكريم ، ومختصرات في أحاديث الأحكام ، وأصول الفقه ، والفقه . * أمور يجب مراعاتها في مرحلة الحفظ : 1- التدرج . 2- الاعتناء باختيار المتن : وأسس الاختيار : أ- أن يكون المتن مخدوماً ، ومعتنى به : شرحاً ، وإخراجاً . ب- أن ينظر إلى طول المتن وقصره ، وذلك لأن الإنسان يعرف قدراته ، ويعرف الوقت المتاح . ج- أن ينظر إلى سهولة عبارة المتن ووضوحها . 3- مصاحبة الحفظ شرح مختصر جداً : إلا إذا تعارضا ، فالحفظ مقدم . الخطوة الثانية : مرحلة حضور الدروس وشروح الكتب المحفوظة : ومن أهم المقصودات في ذلك : الاستفادة من سمت الشيخ وخلقه . - يجب النظر إلى مقدار ما يحصل من الفائدة ، لا إلى شهرة الشيخ وعدد طلابه . - يجب أن يكون الحضور إيجابياً : المراجعة ، القرب من الشيخ ، الاستفسار ، البحث عن المسائل . الخطوة الثالثة : قراءة كتب الفقه : مطولات أو متوسطات ، عامة أو خاصة ، وإن تيسر أن تكون هذه القراءة على شيخ فهو أحسن . - وفي هذه المرحلة ستكون هناك فائدة عظيمة ، وتكبر كلما اعتُني بالكتاب المقروء . وتحتاج هذه المرحلة لنجاحها إلى : 1- طول النفس : نظراً لطول الفقه . 2- الحرص على الإجابة على الإشكالات الحاصلة . الخطوة الرابعة : مرحلة التدريس : ولا يصح البداءة بها قبل إكمال المراحل السابقة ، والتدريس أحد أوسع أبواب طلب العلم . والعناية فيه بالتدرج مهمة . ويكون نفعه بالعناية بالتالي : 1- الجد في التدريس ، فالفقه طويل ، لا يكفي فيه درس أسبوعي واحد . 2- الاعتناء بتحضير الدروس والإعداد لها . 3- سعة الصدر ورحابته ، وإتاحة الأسئلة والمناقشة . 4- في بداية التدريس يكون الحماس والتأهب ، فعند البحث والتحضير في هذه المرحلة ، يجب الاعتناء جداً بالشوارد والفوائد والصيود ، وتقييدها . الخطوة الخامسة : التأليف : وعلى طالب الفقه :
1- عدم الاستعجال على هذه المرحلة حتى يشهد له بالإتقان . 2- الاعتناء باختيار ما يستحق الاعتناء بالتأليف فيه ، وترك المسائل المخدومة ، وبعد العمل اعرضه على المتقنين لإبداء الملاحظات .
5/ بعض المزالق التي يقع فيها طالب الفقه : 1- التسرع في الفتوى ، والإفتاء قبل التأهل . 2- الاستعجال في الفتوى قبل التأمل والمشاورة . 3- الفرح بالآراء الشاذة والدفاع عنها ، وهذا يحصل غالباً في بداية الطلب ، وهذا سببه : أ- إما أنه وقع تحت تأثير عالم قوي الحجة والبيان . ب- أو أنه وقع تحت تأثير داء البروز الحاصل بمخالفة الناس . 4- الاستجابة للمؤثرات في الفتاوى . هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .